إن سوليدار تونس تعنى بدراسة ومناقشة مجموعة الأحكام المتعلقة بمكافحة الفساد وارساء الهيئة الدستورية المستقلة للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، وذلك قصد المساعدة على وضع الإطار القانوني الأمثل لهذه الهيئة والرقي بمنظومة مكافحة الفساد الى مستوى المعايير الدولية في المجال.
لذا فإنها وإن تلقت بكل ارتياح خبر إحالة الحكومة لمشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد إلى مجلس نواب الشعب وتعهّد لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوى الحاملة للسلاح به تحت عدد 38/2017 واستعجال النظر فيه، فإنه وبعد الاطلاع على صيغة المشروع المحال، يهم المنظمة لفت الانتباه إلى ما يلي:
أولا:
لقد كانت الحكومة أحالت إلى مجلس نواب الشعب مشروع قانون أساسي يتعلق بالأحكام المشتركة للهيئات الدستورية المستقلة مودع تحت عدد 30/2016 وقد تعهدت لجنة التشريع العام به دون أي استعجال نظر.
كما كانت أحالت اليه مشروع قانون أساسي يتعلق بهيئة حقوق الانسان مودع تحت عدد 42/2016 ودون استعجال النظر فيه أيضاً
لذلك قبل الخوض في أي تعليق جوهري يخص المضامين، يتسنى لفت النظر الى الاشكال التنظيمي المتمثل في أن استعجال النظر لا يشمل الا مشروع القانون عدد 38/2017 بما يعني أنه قد يتم النظر في هذا المشروع قبل مشروع القانون عدد 30/2016، الشيء الذي لا يمكن قبوله منطقا وقانونا ، خاصة أن المشروعين تم التعهد بهما من قبل لجنتين مختلفتين. الشيء الذي يجعل من امكانية عدم تناسق القوانين أمراً ورداً وممكناً .
كما ترى سوليدار تونس أنه لا يمكن مناقشة مشروع قانون الهيئة والتصويت عليه والحال أنه يستند الى أحكام مشتركة يتضمنها مشروع قانون لم يتم النظر فيه والتصويت عليه. ويتأصل هذا في أن أحكام مشروعي القانونين عددا 42/2016 و38/2017 أشارت إلى أحكام المشروع عدد 30/2016 بما يعني بقاء هذا الأخير مدرجا للتداول والمصادقة كمشروع قانون مرجعي للقوانين المختصة بالهيئات التي يجب أن لا تخالفه وهو الأمر الذي يثير قلق سوليدار تونس للأسباب سابقة الذكر والتي ستلي.
ثانيا:
لقد تضمن مشروع القانون 30/2016 سواء صلب وثيقة شرح أسبابه أو ضمن أحكامه إشارات تحيد بهذه الهيئات عن الفلسفة الدستورية التي تأصلت فيها وتأسست عليها من ذلك المحاولة في تفسير مفهوم استقلالية هذه الهيئات باتجاه غريب عن النظرية القانونية والدستورية السليمة.
وفي هذا الإطار، تلفت سوليدار تونس النظر الى إعتماد مصطلحات مثل "تابعة" و"خاضعة" فضلا عما ورد من جمل مثل "الهيئات فرع من السلطة التنفيذية" أو أنها "صنف جديد من الأشخاص المعنوية العمومية".
وحيث أن ما سبق ذكره قد يوحي برغبة في الحدّ من استقلالية هذه الهيئات الدستورية ونفي صفة "السلطة" عنها.
إن بقاء مشروع القانون 30/2016 في صيغته الحالية وفلسفته المرجعية قد يمثل خطرا على استقلالية الهيئات الدستورية المستقلة وإفراغا لمضمونها وصلاحياتها.
لذا فإن الصيغة الحالية لمشروع القانون المذكور يجب التخلي عنها و السهر على تعديلها بما يضمن احترام روح الدستور التي أنشأت سلطة من نوع جديد وهي سلطة الهيئات الدستورية و بما يضمن أيضا الاستقلالية التامة و الفعلية على المستويين المالي والإداري وذلك مع احترام خصوصيات ومتطلبات كل هيئة على حده نظرا لاختلاف مهام وطرق سير كل هيئة دستورية. كما يجب استبدال وثيقة شرح أسباب مشروع هذا القانون.
ثالثا:
إن مشروع القانون عدد 38/2017 لا يرتقي في صيغته المعروضة بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد إلى الهيئة التي أحدثها الدستور من أجل منع الفساد حيث تلاحظ سوليدار تونس أن أحكام المشروع طغى عليها الأسلوب الأدبي غير القانوني والمصطلحات العامة التي لا يمكن أن تؤسس لمقتضيات قانونية ترتب آثارا قانونية واضحة.
ومن ثمة، تدعو سوليدار تونس إلى مزيد تدقيق صلاحيات الهيئة وتوضيح الآليات التي ستوضع لديها لمنع الفساد في القطاعين العام والخاص ومزيد التفكير في تركيبتها وفي سبل مساءلتها.
و ستوافيكم سوليدار تونس لاحقا بدراسة قانونية حول الأحكام المشتركة و الأحكام الخاصة بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد تنبثق عنها مقترحات تعديل لمشروعي القوانين بهدف تحسين صياغتها وإثراء مضمونها.
POUR UN PAYS JUSTE, PROSPÈRE, MODERNE, TOURNÉ VERS LE FUTUR