مثلت مناقشة مشروع قانون مجلة الاستثمار صلب لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب، محور اهتمام كافة النواب حتى من خارج اللجنة، بالإضافة إلى مختلف المنظمات الوطنية والمجتمع المدني الفاعلين في المجال الاقتصادي والتنموي. ومن المنتظر أن تقدم مختلف الأطراف المتداخلة في المجلة مقترحاتها خلال الانطلاق في مناقشة فصول المجلة و المصادقة عليها.
تزامنا مع مناقشة مشروع قانون الاستثمار بلجنة المالية والتخطيط والتنمية في مجلس نواب الشعب، شارك عدد من النواب من مختلف الكتل البرلمانية ومجموعة من الخبراء في المجال الاقتصادي، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمة «كونكت» ومنظمة الأعراف في ندوة من تنظيم منظمة « سوليدار- تونس الاجتماعيّة » تهدف إلى تقديم مقترحات تعديل صلب المجلة قبل الانطلاق في مناقشة الفصول والمصادقة عليها.
وتطرقت رئيسة المنظمة والنائبة في المجلس التأسيسي لبنى الجريبي إلى الواقع الاقتصادي للبلاد التونسية، حيث اعتبرت أنه لا يمكن لتونس المرور من نظام أو منوال اقتصاديّ قديم، دون أن يستند إلى رؤية واضحة. واعتبرت أن مجلة الاستثمار ستكون بمثابة النّهوض بتونس اقتصاديّاً و اجتماعيّاً، ورفعها إلى مصافّ الدّول الطّموحة والمحقّقة لنموّ مستديم و متكامل.
في المقابل، اتفق مختلف المتدخلون في أشغال الندوة على أنه يجب مراجعة النصوص القانونية والآليات الموجودة بما يتلاءم مع التحدّيات المرفوعة، حيث تحتاج هذه الأهداف إلى اتّخاذ إجراءات فورية، مجدّدة ومتطوّرة، تمكّن من إحياء المحرك الاقتصادي وتحقيق الانتعاشة المنتظرة، وهو ما من شأنه أن يخلق مناخاً من الثّقة لدفع عجلة الاستثمارات، تعمل على التّقليص من الفروقات والاختلالات الاجتماعيّة.
« تحديد إخفاقات المنوال الاقتصادي السابق وتعديلها »
وبين الخبراء أن كلّ الفاعلين الاقتصاديّين، و المهتمّين بالمسألة الاقتصاديّة في تونس، انتظروا كثيرا ما ستخلص إليه أعمال صياغة مجلّة الاستثمار الجديدة، حيث أنّه ينتظر منها أن تواكب رهانات ومتطلّبات المرحلتين الحاليّة والمقبلة، وأن تستجيب إلى انتظارات كلّ الفئات المعنية بها من رجال أعمال ومستثمرين أو باحثين عن الشّغل أو جهات داخلية مهمّشة.
من جهة أخرى، تطرقت الندوة إلى أهم المراحل التي بلغتها لجنة المالية في مناقشة مشروع قانون مجلة الاستثمار، حيث تساءلوا عن مدى تمكن اللجنة من تحديد إخفاقات المنوال الاقتصادي السابق وتعديلها بما يأخذ بعين الاعتبار الدّروس المستخلصة من الإخلالات الطبقية والجهوية التي أفضت إلى سلسلة من الأزمات الاجتماعية. وطالبوا بضرورة أن تكون المجلة أكثر جاذبية واستقطاباً للمستثمرين، تعطي تطمينات كافية عن المستقبل عبر معالجة أهمّ تحدّيات المرحلة من بطالة وصعوبات اقتصاديّة.
نقائص بالجملة...
لكن في جوانب أخرى بعيدا عن الايجابيات المرجوة، فقد تطرق مختلف المتدخلون إلى أهم النقائص التي جاءت في مشروع القانون الحالي لعل أهمها ما يتعلق بالتّنصيص على حقوق وواجبات المستثمر، أو التّحكيم، بالإضافة إلى مسألة تفويض صلاحية تحديد حالات إسناد منح تمويل الاستثمار و مقاديرها وسقفها للسّلطة التنفيذية وهو ما يتناقض مع أحكام الفصل 65 من الدّستور والقاضية بأنّ الالتزامات الماليّة للدّولة لا يمكن أن تتّخذها السّلطة التّنفيذيّة، ولا يمكن اعتمادها إلا بقوانين يصادق عليها مجلس نواب الشعب.
وتم التأكيد على كذلك على أن تكون مجلّة الاستثمار نصّاً جامعا لكل المسائل المتعلقة بالاستثمار، وأن تكون محتوية على كلّ الإجابات عن تساؤلات المستثمرين، ولا سيّما بمسألة الحوافز التي تعد من بين أوكد اهتماماتهم، حيث كان يفترض بمجلّة الاستثمار أن تجمع كلّ الآليّات الدّاعمة للاستثمار في منظور شامل ومتكامل. وإن وجب اعتماد نصوص تكميليّة على حد تعبير ممثلي المنظمة، فإنه كان من المفروض تقديم حزمة النصوص للعرض على مجلس نواب الشعب صحبة المجلة لتوضيح الرؤية الجديدة للاستثمار حتّى يستطيع النّوّاب ومن ورائهم المجتمع استيعاب كل الخيارات وتقييمها في إطار مقاربة شاملة.
كما شكل موضوع إنشاء الهيئة التونسيّة للاستثمار (ITI) حسب مشروع القانون، والتي يفترض أن تكون المخاطب الأوحد للمستثمر،فإن المنظمة ترى أن هذه الهيئة ستكون أكثر نجاعة عبر إحداثها في شكل هيئة عموميّة مستقلّة، تتمتع بسلطة قياديّة تجاه باقي هياكل الاستثمار وهو ما سيضفي أكثر نجاعة على أعمالها باعتبار أن إعطاءها مجرّد دور تنسيقيّ سيساهم في تعقيد الأمور بجعلها مجرّد حلقة إضافيّة في العمليّة الإداريّة.
هذا ومن المنتظر أن يتم رفع كافة المقترحات إلى لجنة المالية خلال المدة القادمة لمناقشتها، قصد تقديمها في شكل مقترحات تعديل خلال مناقشة فصول مجلة الاستثمار ومناقشتها.
من أجل تونس حيث يمكن للجميع العيش بكرامة